قد تأتينا الشكولاتة في المستقبل من المفاعل البيولوجي. فلأول مرة يقوم فريق من الباحثين في سويسرا بتطوير شكولاتة في مختبر. فهل يعني هذا الاختبار نهاية زراعة الكاكاو على الطريقة التقليدية؟

مختبر ممتلئ عن آخره بالأجهزة من كل نوع. في "جِوال بلاستيكي" ضخم وملآن تُأرجح مادة بنية اللون. بجواره يوجد إناء زجاجي، تذاب فيه مادة بنية أيضاً. أما الأجهزة فتحدث صوتاً مرتفعاً.

وسط كل هذا تقف ريجينا آيبل، الباحثة مديرة قسم تقنية زرع الخلايا في جامعة العلوم التطبيقية بزيورخرابط خارجي، وتحديداً في بلدية فيدينسفيل الواقعة على ضفاف بحيرة زيورخ.

الشكولاتة الآتية من الصهريج

"في المختبر نعيد انتاج أشياء تحاكي ما يحدث في الطبيعة"، تقول السيدة آيبل. وقد تمكن فريقها مؤخراً من انتاج شكولاتة في المختبررابط خارجي، أوّل عملية من نوعها. ولتحقيق هذا الهدف، تعاون اختصاصان تابعان لجامعة العلوم التطبيقية بزيورخ: التكنولوجيا الحيوية والتكنولوجيا الغذائية.

في البداية لم يكن لدى فريق ريجينا آيبل الذي يقوم في الأساس بزراعة خلايا لخدمة المجال الصيدلاني، أية نية لزراعة خلايا لأجل الشكولاتة، كما تؤكد. "تعود هذه الفكرة من زميلنا تيلو هون. ولقد سألني إذا كان في الإمكان زراعة خلايا نباتية من حبوب الكاكاو. كنا نرغب في دراسة قدرة مثل هذه الخلايا المزروعة على إنتاج البوليفينول كذلك، والذي يشكل مكوّنا أساسيا في مذاق الشكولاتة وأثرها.

تظافر الجهود

السيد هون ليس نكرة في مجال إنتاج الشكولاتة. حيث اشتهر اسمه بالفعل بسبب انجازه لعدة مشروعات. ومؤخرا صمم منتجا من الشكولاتة شارك فيه مع رجل الأعمال ومغني فريق "يلو" ديتر مايررابط خارجي. وبفضل التقنية المطبقة فيه، والتي تكمن في استخلاص المياه من حبوب الكاكاورابط خارجي، فإن نكهة الشكولاتة سوف تصبح أكثر كثافة وأقوى مقارنة بما هي عليه في المنتجات الاعتيادية. ومن المفترض أن يدخل هذا المنتج حيز الصناعي الواسع في الأسابيع القادمة.

إلا أن الشكولاتة "المطوّرة" في المختبر تعتبر أكثر مشروعات هون طموحاً. فبعد التنقية الخارجية لثمرة الكاكاو يتم استخراج حبوب الكاكاو منها تحت التعقيم، ثم تُقَسَم إلى أربع أجزاء بواسطة مشرط، بعدها يجري تخزينها في الظلام فوق مستنبت، وفي ظل درجة حرارة توازي 29 درجة مئوية.

وعلى أطراف موضع الجرح تبدأ خلال حوالي ثلاثة أسابيع نشأة نوع من القشرة، المسماة بالنسيج الضام. وهذا يمكن أن يعاد تكثيره مرة أخرى. "إن هذا يحدث في وسط زراعي بسيط جداً"، مثلما توضح السيدة آيبل.

في النهاية توضع المادة المكتسبة في قارورة يمكن رجها، حيث يتم وضع ما يعرف بالمستنبت المعلق وتكثيره في مفاعل بيولوجي. "إن كلمة "مفاعل" لهي مصطلح مرعب. لكنه في الحقيقة صهريج، كالذي يجري فيه تخمير النبيذ مثلاً"، على حد قول هون، والذي ينحدر من أسرة من مزارعي الكروم.