سطَّرت الفنانة المغربية عزيزة جلال بإحساسها العالي وصوتها الشجي تاريخاً فنياً مرصَّعاً بالنجومية، ووُصفت بصاحبة الصوت الماسي الذي تناوب على التلحين له عمالقة الموسيقى، بينهم الموسيقار رياض السنباطي والموسيقار بليغ حمدي.
واليوم وبعد غياب 3 عقود عن الساحة الفنية، وابتعادها عن الغناء وهي في أوج مجدها، تُعرب عن سعادتها بالعودة مجدَّداً من خلال ألبوم خليجي جديد، تتعاون فيه مع كبار الملحنين والشعراء، وستكون له مكانة كبيرة في الوطن العربي.
وهي التي ترعرع صوتها على الأصالة، لتلفت أهل بلدتها إلى موهبتها الاستثنائية، بدأت رحلتها الفنية قبل أن تبلغ الـ 18 من عمرها، وقررت أن تستكملها في دولة الإمارات بلدها الثاني، حيث تعاونت مع كبار الشعراء تاركة بصمة كبيرة عبر أعمالها الإماراتية، ومنها "غزيل فلة" التي ما زالت تحصد ثمرة نجاحها حتى اليوم، ومثلها الكثير من إبداعاتها المستقرة في ذاكرة الشعوب العربية، التي تترقَّب عودتها إلى الفن.
استهلَّت الفنانة عزيزة جلال حديثها مع صحيفة "الاتحاد" قائلة:"لدولة الإمارات الحبيبة وشعبها مكانة خاصة في قلبي، فقد احتضنتني مسارحها منذ بداياتي الفنية، وأتمنى لها المزيد من التقدُّم والازدهار".
وأكَّدت أنها متحمِّسة للعودة إلى الساحة الغنائية، والتي تراها انتصاراً لرحلة عطاء فني مثمر، فيما تحفَّظت على بعض تفاصيل الألبوم الذي لا يزال في طور التحضيرات، قائلة: "انتظروني". وتمنَّت أن تحظى أغنياتها الجديدة على رضا الجمهور من مختلف الأجيال، واعدة بأنه سيكون مفاجأة للمستمعين. وفيما يرى كثيرون أن حضورها من جديد يُعد بمثابة تتويج لتاريخها المفعم بالطرب الأصيل، اعتبرت أن ابتعادها عن الساحة لم يضعها في دائرة النسيان، وأنها لا تزال حاضرة في ذكراهم بإبداعاتها.
"ديو" غنائي
وتحدثت الفنانة عزيزة جلال عن مشروع “الدويتوهات” الغنائية، لافتة إلى إنها لا تجد أدنى مشكلة في التعاون بـ “ديو” مع أحد الفنانين، مؤكدة أن المشروع قابل للطرح، وأن هنالك أصواتاً كبيرة وأسماء لامعة في الوطن العربي تتمنى أن تغني مع أحد منها.
وكشفت أن الأغنية العربية لا ينقصها فنانون وموسيقيون وعازفون وشعراء، وإنما تنقصها الكلمة، لأنها البداية وكلما كانت الكلمة صادقة ومعبِّرة ومتوافقة مع قيم مجتمعنا، تعيش لمدة أطول في وجدان الجمهور. ووجَّهت عتبها إلى الجيل الجديد من الشباب الذين يجب أن يعرفوا قيمة الكلمة عند انتقاء أغنياتهم، وأن يتعاملوا مع الفن على أنه رسائل تُنقل إلى جيل كامل ومجتمع بأكمله.
وعن الفنانة العربية التي تراها امتداداً لمشوارها الفني، قالت: “أنا امتداد للأجيال السابقة، وتاريخي يشهد لي بذلك، والجيل الحالي امتداد لنا. رسالتنا الحقيقية أن نكون امتداداً لبعضنا بعضاً، ولا أخصّ اسماً بعينه، فمن الممكن أن تكون هنالك شبيهة لي بين فنانات يمضين على الدرب نفسه، لكن في النهاية كل جيل ينهل من خبرات من سبقوه في المجال”.
الأغنية الخليجية
ووجَّهت عزيزة جلال نصيحتها الفنية إلى الجيل الحالي، قائلة: “إن الخبرة المباشرة لها دور كبير في تعليم أساسيات الفن، وهنالك مدارس فنية كبيرة يفتخر بها تاريخ الموسيقى العربية، ويجب على الفنانين الصاعدين أن ينهلوا منها ومن خبرات من سبقهم من الفنانين المبدعين، بهدف صقل تجربتهم وصنع حاضرهم ومستقبلهم”.
وعن أحب الأصوات إلى قلبها أوضحت أن هنالك أصواتاً كثيرة، تغمرها بالراحة والسعادة، على رأسها السيدة أم كلثوم والمطربة وردة الجزائرية والمطرب عبد الحليم حافظ، مشيرة إلى أن الجيل القديم هو منهج الموسيقى العربية، وأنها تعلَّمت من مدارس فنية كبيرة الإحساس وأصول الغناء.
وكشفت أنها تستمع إلى فنانين شباب من مختلف الدول العربية، متمنية لهم التوفيق، وتحدثت عن سعادتها لما آلت إليه الأغنية الخليجية من تطوّر، حيث تضم باقة من الأصوات الواعدة التي نجحت في ترك بصمة واضحة على مستوى الكلمة واللحن.
"مستنياك"
وأعربت عن رضاها عما قدَّمته في سجلها الفني، من روائع حاضرة في ذاكرة الجمهور العربي على الرغم من مرور عقود، بينها أغنية “مستنياك” ألحان الموسيقار بليغ حمدي. وقالت: “لا أستطيع أن أصف مدى سعادتي عندما أرى الجيل الجديد يُعيد غناءها من جديد، وأحببت إحساس الفنانة نانسي عجرم عندما غنَّتها، وكذلك أغنية “هو الحب لعبة” ألحان الموسيقار محمد الموجي، وسُررت عندما استمعت إليها بصوت الأطفال في برامج المسابقات الغنائية، وهذا يؤكِّد أنني حاضرة في ذاكرة الجمهور.
وفي نهاية حديثها أملت عزيزة جلال، أن يرفع الله سبحانه وتعالى بلاء فيروس “كورونا” عن البشرية، معتبرة أن هذا الوباء رسالة من الله عزَّ وجلّ لكي يرينا عظمته وحكمته. وأكَّدت أن الأفراد تعلموا من الجائحة قيمة الحياة الطبيعية والتقارب الأسري والاجتماعي.
بليغ حمدي
قدَّمت الفنانة عزيزة جلال صاحبة النغمة الساحرة مع الموسيقار بليغ حمدي، رائعتين هما "مستنياك" و"حرمت الحب عليا". وعن عبقري النغم قالت: "أفتخر بأن سجلي الفني يضم رائعتين للعبقري بليغ حمدي الذي كان ولا يزال محطة فارقة في مسيرتي بأغنية "مستنياك" التي كانت بطاقة التعارف الأولى بيني وبين الجمهور المصري، وهي محفورة حتى اليوم في ذاكرة الجمهور العربي وتمثِّل ذكرى جميلة لكل من أحبها.
وقالت: أغنية "حرمت الحب عليا" لم تأخذ حقها آنذاك، إلا أنها إضافة كبيرة ومحطة مهمة في حياتي الفنية، إذ يكفي أنني تعاونت بها مع بليغ، وهو ملحِّن في غاية الرقة ويملك كل الصفات الجميلة على المستوى المهني والإنساني. كما أعربت عن سعادتها بالتعاون مع كبار الملحنين والشعراء أمثال رياض السنباطي، حلمي بكر، وعبدالوهاب محمد.