عبّرت المخرجة الفلسطينية مروة جبارة الطيبي من أراضي 48 عن سعادتها بنجاح فيلمها "فستان العروس" من إنتاج الجزيرة الوثائقية (2019) الذي يعرض في روما خلال الفترة الحالية، وقوبل بحماس وحقق اهتماما كبيرا بعد أن عُرض في بيت المرأة العالمي، ضمن إحياء التراث الثقافي الفلسطيني في إيطاليا.
وحسب بيان صادر عن المخرجة جبارة الطيبي فقد افتتحت العرض سفيرة فلسطين في روما عبير عودة، مرحبةً بالمخرجة ومشيدة بدورها في طرح قضايا شعبها عبر أفلامها. وتطرقت إلى أهمية الفيلم لجهة نقله الرواية الفلسطينية بجمال وتحدٍّ وإصرار على مقاومة الاحتلال.
وفي كلمته، أشاد الناشط في الجالية الفلسطينية في العاصمة الإيطالية روما الدكتور عبد الحكيم نصيرات بالمخرجة، لافتاً إلى أنها في الوقت نفسه ابنة بلده، مشيداً بدور والدها الأستاذ شاكر قاسم جبارة في قيادة النضال في أراضي 48.
بدورها، تطرقت نائبة رئيس الاتحاد الأوروبي سابقاً السيدة مورجنتيني في كلمتها إلى قانون “منع لمّ الشمل” العنصري، الذي أقرته الكنيست منذ أيام عدة، لافتة إلى أن الفيلم يعرض للمشاهدين إحدى قصص العائلات التي ستتضرر جراء هذا القانون.
وطبقا للبيان المذكور حظي الفيلم بتقدير كبير، ليس لجماله السينمائي فحسب، الذي يسمح للمشاهد بدخول الواقع والشخصيات بفضل عفوية المشَاهد اليومية، لكن لموضوعيته بالنظر إلى القانون الإسرائيلي الجديد بشأن منع لم شمل الأسرة الفلسطينية، موضحا أن رسالة الفيلم عن الأمل آسرة، حيث ترى الحب ينتصر على الفصل العنصري، فالفيلم يُظهر أكثر ما يميز الشعب الفلسطيني، وهو صمودهم (الصمود) كشعب يظل متحداً رغم الانقسامات التي تفرضها الجدران والحواجز والقوانين والسياسة في أرض يقاوم فيها المرء وينتصر، في الحب والحياة.
وحصل الفيلم على جوائز مهمة منها جائزة أفضل فيلم وثائقي طويل من مهرجان الرباط لحقوق الإنسان ومهرجان فلورنسا السينمائي.
دور المرأة الفلسطينية
وكانت المخرجة الفلسطينية ضيفة في عدة مهرجانات دولية، كما أثار فيلمها السابق “عباس 36” اهتمامًا كبيرًا ، وفاز بجائزة أفضل فيلم وثائقي في مهرجان برلين السينمائي الدولي وحصل على جائزة في مهرجان تورنتو الدولي للمرأة، خاصة أنه وبقية أفلامها يعكس قدرتها على تعزيز دور المرأة في المجتمع الفلسطيني حيث تظهرهن قويات وحازمات ومستقلات.
وتعرض مروة جبارة الطيبي في أفلامها الوثائقية بشكل فعّال الحياة الصعبة للفلسطينيين الذين يعيشون في الضفة الغربية والقدس الشرقية وغزة، وأيضًا حياة فلسطينيي 1948، الذين تسميهم إسرائيل “عرب إسرائيل”، الذين مع ذلك يحتفظون بهويتهم الفلسطينية المتجذرة في الداخل رغم تمييزها ضدهم ومعاملتهم كمواطنين من الدرجة الثانية.
أبطال الفيلم
وفي فيلم “فستان العروس”، تظهر مروة جبارة الطيبي أبطالها وهم يرددون ويؤكدون أن الشعب الفلسطيني واحد، حتى لو كان مقسماً جغرافياً داخل فلسطين وخارجها، بخطوط مرسومة في الرمال، فضلاً عن القوانين التمييزية.
وبالنسبة لها وفي أعمالها فإنهم يظلون متحدين كشعب ولا يسمحون لأي شيء بإضعاف أو تقويض كرامتهم وهويتهم الوطنية الراسخة وبذلك تسهم في بناء الوعي وصيانة الذاكرة الجمعية.
تدور قصة الفيلم حول عروسين يصارعان مع الاستعدادات لحفل زفافهما، اللحظات السعيدة والاحتفالية، والطقوس والتقاليد، مع حفلة وداع العزوبية ومساء الحناء، وتحضير العشاء بساعات طويلة وأيدٍ دؤوبة. وتتشارك النساء في لف ورق العنب ويطبخن معًا ويتحدثن عن الحياة الطبيعية لخطط حياة الزوجين في الحب، وعن التشوهات التي يعاني منها الفلسطينيون في ظل الاحتلال والفصل العنصري.والقاسم المشترك بين العروسين هو اختيار الفستان المستأجر نفسه من محل لبيع الملابس التقليدية في مركز التراث الفلسطيني لمها سقا، الشهيرة في مدينة بيت لحم. وحسب البيان فإنه في الواقع، لا يحق لأي منهما الزواج بشكل سلمي خالٍ من العوائق الناجمة عن الاحتلال والانتهاكات المرتبطة به، بدلاً من الحرية الكاملة والحيوية.
كما يحكي الفيلم كيف تتشابه قصص العروسين بسبب التأثير القاسي للاحتلال الإسرائيلي على حياتهما، مما يحرمهما من راحة البال في أهم خطوة في حياتهما.
حرمان الخليل من الجليل
تتماشى مشاهدة الفيلم مع مشاعر الأزواج والعائلات، وهي نموذجية لحفل الزفاف. وكما هو الحال دائمًا، تختلط النشوة مع الشعور بالحنين إلى الماضي عند مغادرة المنزل. لكن بالنسبة للفلسطينيين، يضاف إلى هذه المشاعر شعور أوسع بعدم اليقين وعدم الاستقرار بسبب أوضاعهم تحت التهديد المستمر لاحتلال ظالم. تجد العروس نفسها تحتفل بمفردها في حفلها، ويراقبها سلفها على شاشة الهاتف المحمول داخل سجن إسرائيلي وهو ليس مجرما، لكنه أسير سياسي في أرض تستخدم الاعتقال الإداري لسحق النضال من أجل حقوق الإنسان. العروس هي الأخرى تختبر لحظة فرحها بقلق لأن زوجها المستقبلي قد لا يكون حاضراً في حفل زفافها إذ لا تسمح له إسرائيل في الواقع بالذهاب من الخليل إلى الناصرة، أي من الضفة الغربية المحتلة إلى المدينة الفلسطينية داخل أراضي 48.
الرسائل المبطنة
وهنا يكمن قلب الدراما: شعب منقسم بسبب قيام إسرائيل على أنقاضه حيث الحب تعيقه القوانين التي لا تسمح للفلسطيني بالانتقال داخل وطنه. في النهاية، دخل العريس بشكل غير قانوني متحديا واجتاز الحاجز الإسرائيلي داخل صندوق السيارة مع صديقين. عائلته، مع ذلك، ليست هناك: كان يمكن أن تكون مخاطرة كبيرة بالنسبة لهم وهكذا بالنسبة لهذين الزوجين المحبّين، فإن الفصل العنصري يعني الزواج مرتين، أحدهما مع عائلتها دون عائلته، والآخر بالعكس، وهي لحظة رمزية للوضع، تُروى بسخرية وذكاء”. هذا وفق رؤية المخرجة التي ترى أن الرسالة الأخيرة هي انتصار الحب والشعور بوحدة الشعب، شعب فريد من نوعه يواجه بابتسامته وتصميمه الفعال الجدران ونقاط التفتيش والقوانين العنصرية لتحقيق حلمه الفردي والجماعي.