بالموازاة مع ما نحن عليه اليوم، وما يشهده عالمنا العربي من الجانب الأسري‫ خاصةً العلاقات التي تبنى غالبا على الاستدلال أو الحب أو التضامن الاجتماعي أو تفاعلات العمل المعتادة أو أي أنواع أخرى من العلاقات الاجتماعية‬، أصبح واقع بناء أسرة بين طرفين ينحصر على بحث المرء عن شخص يطابقه في السمات الخارجية، أو أن يتزوج بشخص مختلف عنه كليا.

حاول علماء الأحياء تفسير أسرار انجذابنا لأشخاص معينين، ليجدوا أن من بين الأسباب المهمة لهذا الارتباط الذي أساسه جاذبية بين الطرفين قد تكون الصلة الأسرية كعلاقة الابن بأمه مما يجعله يبحث عن الشريكة التي تمثل صفات معينة سبق و تعايش معها، و هنا يتشكل السؤال المركزي الذي استكهن علماء النفس والاجتماع جل ألغازه وهو لماذا يتعامل الرجال العرب مع زوجاتهم وكأنهن أمهاتهم؟

السؤال الذي يفتح مسارات أسئلة أخرى و منها، "لماذا تتدهور العلاقة بعد فترة؟"، الأسباب عديدة جدًا لكن أبرزها وأهمهما هي ميل الرجل لأن يتحول إلى "طفل" في العلاقة، بينما تصبح الشريكة بمثابة "الأم".

المشكلة من منظور البعض ظاهرة عادية إذ أنها حالة يشاهدونها بأم العين في أكثر من منزل، لكن الخلل الأكبر يكمن في واقع أن الأسباب التي تؤدي إليها غير معروفة، كما أنهم قد يعيشونها ولكنهم لا يدركون ذلك بعد.

الصورة في غالبية المنازل العربية معروفة، فالزوجة تهتم عمليا بكل ما يتعلق بزوجها.. لكن ما بين الاهتمام ولعب دور الأم فرق شاسع.

فبطبيعة الحال اختيار زوجة تشبه الأم إلى حد ما لا يعني أن العلاقة ستكون طبق الأصل، على العكس تماماً، الزوجة التي تجد نفسها في مكانة الأم ستكون كثيرة التذمر، ومسيطرة وتملي الأوامر وتتخذ كل القرارات أحياناً.

في بعض الحالات المتطرفة تصبح المرأة الزوجة هي الرجل عملياً، ما يجعل الزوج الرجل في موقف العاجز وعليه فإن ذلك يؤدي إلى مشاعر النفور والتمرد.

أما خصال الرجل الذي يصبح "الطفل" في العلاقة هي عدم النضوج، ما يسبب العدوانية وانعدام كلي لتحمل المسؤولية.

وفي هذه الحالة لا طرف يلام لأن الأمر يرتبط بعوامل عديدة لعل أهمها عدم تقبل الزوج دوره كرجل مسؤول ورغبته الدفينة في الاستمرار في مرحلة "الطفل" الذي تراعاه امرأة.

المشكلة هنا تتعلق بدور تعلمه كطفل ولم يتمكن من تجاوزه، لكن ما يمكنه فعله هو الانتباه لدئلال معينة لعلها تساعده على معرفة ما إن كان فعلاً يرفض النضج.

- حين يشعر الزوج بأن الزوجة هي الجهة الوحيدة التي تمنحه الشعور بالآمان وبأنها القوة التي تحل جميع المشاكل فهنا الوضع غير صحي للطرفين خاصة الزوج، ويجب تدارك الأمر.

- العاطفة بشكلها المختلف، أن يرغب الزوج من الزوجة أن تغمره بالحب، فهذا أمر مقبول، لكن حين تقمع مشاعره ويتوقع منها أن تقوم بتدليله كما لو كان طفلاً صغيراً، فهذه مقاربة خاطئة كلياً، إذ لا يجب أن يبحث عن أمور تعزز مشاعر الطفل بداخله، بل عن تلك التي تعزز مشاعر الرجولة.