بعد طول انتظار بسبب تأجيل تنفيذ المشروع لسنوات ثم تأجيل عرضه بسبب أزمة «كوفيد-19 المستجد» لشهور، يلتقي أخيراً عشاق «مارفل» بفيلمهم الـ24 من إنتاج الشركة الشهيرة، والذي يتناول قصة البطلة الخارقة Black Widow أو «الأرملة السوداء» التي ظهرت في العديد من أفلام Avengers ولكنها هذه المرة تنفرد بالبطولة بمفردها تقريباً.

الفيلم بدأ عرضه في الإمارات ومصر وبعض الدول الأخرى في 7 يوليو، قبل عرضه في الولايات المتحدة بأيام، وهو من بطولة النجمة الجميلة سكارليت جوهانسون، التي لعبت الدور من قبل في أفلام «أفنجرز»، وحظت بشعبية هائلة دفعت «مارفل» لصنع فيلم كامل عنها.

بمقاييس النوع الفني وطبيعة جمهوره، فإن «الأرملة السوداء» واحد من أفضل أفلام سلسلة «مارفل» للأسباب التالية:

من ناحية «الأكشن» والتشويق يضم الفيلم الذي يستغرق عرضه أكثر من ساعتين وربع الساعة معارك مثيرة ومشاهد مطاردات وهروب ومعارك رائعة التنفيذ، ورغم كثرتها، إذ يعتمد الفيلم عليها بالكامل، فإنها مضفرة داخل الدراما والحبكة بحيث لا يشعر المشاهد أنها مقحمة أو زائدة على الحد، ورغم كم الخيال واللامعقول الذي تحتويه هذه المشاهد – كعادة أفلام الأبطال الخارقين- إلا أنها تبدو مقنعة بالنظر إلى إمكانات هؤلاء الأبطال.

من ناحية القصة والسرد فهذا واحد من أبسط وأوضح أفلام «أفنجرز» وأكثرها قربا للقصص الإنسانية العادية، والجديد في هذا الفيلم هو أنه للمرة الأولى، ربما، تتركز القصة بالكامل على موضوع العائلة، والعلاقات العائلية.

يروي الفيلم قصة ناتاشا رومانوف، أو «الأرملة السوداء» منذ طفولتها، حيث عاشت مع أختها وأبيها وأمها لسنوات، قبل أن تكتشف أن أسرتها غير حقيقية وأنها طفلة مختطفة وجزء من شبكة جاسوسية سوفيتية كبيرة، يقودها شرير يقوم بخطف الفتيات الصغيرات وحجزهن فيما يطلق عليه «الغرفة الحمراء»، حيث يقوم بتحويلهن إلى قاتلات محترفات بعد أن يستولي على عقولهن بواسطة أحد العقاقير.

تبدأ أحداث الفيلم عقب أحداث فيلم «كابتن أمريكا: الحرب الأهلية» (2016) عندما تنفصل «الأرملة السوداء» عن بقية «الأفنجرز» وتبدأ البحث عن أختها يلينا (تلعب الدور فلوراس بوغ)، التي تدربت في الغرفة الحمراء أيضاً لتصبح «أرملة سوداء». وكل من ناتاشا ويلينا تبدآن في البحث عن أبيهما، البطل الخارق المسمى بالحارس الأحمر Red Guardian، وأمهما الباحثة في علم المخ والأعصاب وكيفية السيطرة على عقول البشر والحيوانات، وتلعب دورها النجمة الإنجليزية ريتشل وايز.

دون «حرق» أحداث الفيلم، فإن «الأرملة السوداء» يشبه فيلمي «المرأة العجيبة» Wonder Woman اللذين أنتجتهما شركة «دي سي» المنافسة لـ«مارفل» في مجال الكوميكس والأبطال الخارقين، من عدة زوايا: «الأرملة السوداء» مثل «المرأة العجيبة» نسويتان بامتياز، فكلتاهما تسعيان وراء رجل شرير يريد السيطرة على العالم و«الأرملة السوداء» وأختها هما من ضحايا هذا الرجل الذي لا يتورع عن استغلال أي امرأة وتحويلها إلى أداة للقتل حتى لو كانت ابنته.

ومن الطريف أن كلاً من «المرأة العجيبة» و«الأرملة السوداء» من إخراج نساء. «المرأة العجيبة» من إخراج باتي جنكنز، و«الأرملة السوداء» من إخراج الأسترالية كيت شورتلاند، والاثنتان لم يكن لديهما خبرة بهذا النوع من الأفلام من قبل!

هذه الصبغة النسوية، أو الأنثوية «ظاهرة بوضوح في المسار الذي تمضي إليه أحداث «الأرملة السوداء»، حيث يجري التركيز ليس فقط على مشاعر بطلاته النساء، ولكن التعامل أيضاً مع مشاعر الغيرة والتنافس والصراع التي تنشأ بين النساء وبعضهن البعض، وهو شيء ربما لا يفهمه معظم الرجال ولا يستطيعون التعبير عنه.

يضم «الأرملة السوداء» عدداً من النساء الرائعات، على رأسهن سكارليت جوهانسون وفلورانس بوغ وأمهما ريتشل وايز، ومثل «المرأة العجيبة» يبرز تضامن هؤلاء النساء ونجاحهن معاً في مواجهة التحديات التي تفرض عليهن. وعلى الشاشة تبدو الكيمياء بين الممثلات الثلاث جيدة للغاية، خاصة بين جوهانسون وبوغ، اللتين تربطهما الكثير من المشاعر المتضاربة.

من ناحية الترفيه فإن «الأرملة السوداء» أشبه برحلة عربة الملاهي التي تثير الرعب والسعادة معاً في قلب ركابها، خاصة في معارك تهريب «الحارس الأحمر» من السجن، والمعركة الختامية التي تستغرق ما يقرب من 20 دقيقة. ولا يخلو الفيلم كذلك من بعض اللمسات الكوميدية الظريفة، خاصة من قبل ديفيد هاربر، أو تعليق لورانس بوغ المستمر على وضعية القتال الشهيرة للأرملة السوداء.

من المؤسف، كما تؤكد الأخبار، أن هذا هو آخر فيلم ستلعبه سكارليت جوهانسون مع «مارفل» وآخر مرة تلعب فيها شخصية «الأرملة السوداء»!